Response number two by Abu Walid (Arabic)

حوارات مع ” لياه فارال” ـ الحلقة الثانية من 4

” المصرى” و”الملا عمر”

صديقا مبايعا .. وليس مستشارا نافذا

ـ بقلم : مصطفى حامد ـ

كنت أود أن أكتب مقالا بعنوان (الملا عمر .. سيف الله المظلوم) . ولعلى أتطرق هنا إلى بعض عناصر ذلك المقال.

هناك إتجاه سياسى ثابت لدى الغرب بإتهام الحركات المناوئة لهم بالعمل لصالح جهات خارجية. وذلك لخلق شعور شعبى مناوئ ورافض لتلك الحركات.

فعلوا ذلك مع حركة الإخوان المسلمين فى مصر إبان فترة الإحتلال البريطانى لذلك البلد. وهم يتهمون الآن حماس وحزب الله بأنهما يتبنيان أجندة خارجية. ويقصدون بذلك إيران بل ويصرحون بذلك أحيانا.

أما حركة طالبان فقد نالت الجزء الأكبر من التشنيعات التى لاقت رواجا كبيرا فى الإعلام الدولى.

ساعد على ذلك عنصران:

الأول هو شراسة الحملة النفسية الأمريكية ضد طالبان، والتى مهدت بها لحرب مفتوحة عسكريا جرى الإعداد لها منذ سنوات قبل بدئها فى أكتوبر 2001.

والثانى كان تكتل كبير من عناصر العمل الإسلامى فى العالم ضد الحركة. ونخص بالذكر التنظيم الدولى للإخوان المسلمين، الذين إعتبروا إنتصار طالبان على نظام كابول الذى يتصدره رموز إخوانية كبيرة مثل ربانى رئيس الدولة وسياف كاهن النظام ومجددى أول رئيس لحكومة تحمل إسم المجاهدين فى أفغانستان. كما تألمت إيران بشدة من إنتصار طالبان لأن ربانى ( ومعه أحمد شاه مسعود وزير الدفاع) كانا أوراقا فى غاية الأهمية للسياسة الإيرانية فى أفغانستان. أما الأجواء الإعلامية العربية فهى دوما إنعكاس تلقائى ومستهلك دائم لكل ما يلقيه الغرب من فضلات إعلامية سامة.

ومع ذلك ما كانت الحملات الإعلامية المعادية لتنجح بهذا الشكل المرعب لولا تقصير هائل من جانب (الإمارة الإسلامية) فى مجال الإعلام، وشكوكها القاتلة فى كل ما يمت إليه بصلة، إلى جانب تبنيها لتلك الفتوى العجيبة القائلة بتحريم التصوير والتى كانت أكثر ضررا من أى شيئ آخر. إذ حرمت الإمارة من وسيلة فعالة للدفاع عن النفس وإيضاح الكثير جدا من القضايا التى كانت فى مصلحتها.

# من ضمن الإتهامات لحركة طالبان منذ نشوئها وحتى الآن، أنها صناعة باكستانية. أنشأها جهاز المخابرات الباكستانى فى المدارس الدينية هناك بإيعاز أمريكى وتمويل سعودى.

وعندما إجتاح شباب طالبان بمعونة القبائل الولايات الأفغانية بسهولة فى معظم الأحيان، أو بعد معارك طاحنة فى أحيان أخرى، أشاع الأعداء أن القوات الباكستانية تقاتل إلى جانبهم وأن الطيران الباكستانى يقدم إسنادا جويا لقواتهم التى كانت تزحف فى كل الإتجاهات فى نفس الوقت.

أثناء فترة تواجد بن لادن فى أفغانستان كان يحلو لكثيرين القول بأن بن لادن وليس الملا عمر هو الذى يحكم أفغانستان، وأن طالبان تنازلوا له عن مساحات كبيرة من البلد. فى ذلك الوقت كان بن لادن ومن معه يسكنون فى عدة مبانى حكومية مهدمة على أطراف مطار قندهار.

إستمر ضخ تلك الدعايات بإصرار رغم سخافتها وإفتضاح الهدف منها وهو الإيقاع بين طالبان وبن لادن، وبين الشعب الأفغانى وحركة طالبان، وبين الملاعمر وبن لادن.

# نعود إلى نقطة قريبة من ذلك الموضع وهو قول السيدة ” فارال” بأن “المصرى” قد إستحوز على أذن الملا عمر وأنه من كبار مستشاريه. وأن “المصرى” مع القائد الأوزبكى “محمد طاهر” كانا من كبار مستشارى الملا عمر الذى كان يطلب مشورة “المصرى” السياسية والعسكرية (ضمن مسائل أخرى) لم تشأ السيدة أن تفصح عنها، ولكننى أقولها بوضوح أنها كانت حول موضوع الأفيون وتأثيره الحاسم على العلاقات مع الولايات المتحدة. وأن منع زراعته سوف يتسبب مباشرة فى إعلانها الحرب على أفغانستان وهو الأمر الذى تحقق حرفيا. بل وفى التوقيتات التى حددتها باليوم، بالنسبة لبداية الحرب ونهايتها أيضا. ليس رجما بالغيب بل بمعرفة مواقيت بذار الأفيون.

كان ذلك قبل عام من الحرب. على أى حال ما كان فى الإمكان الإستفادة من نصيحة كهذه فى ذلك الوقت.

أعتقد أن ذلك القول باننى كنت مستشارا نافذا هو قول غير معقول ولا هو حقيقى. فجميع مستشارى الملا عمر هم من مؤسسى حركة طالبان. وجميعهم مجاهدون قدماء وأصحاب خبرات متعددة وهامة. والملا عمر نفسه هو رجل ذو خبرة عسكرية كبيرة وقد مارس القتال ضد السوفييت منذ شبابه المبكر. وهو الآن على وشك أن يقهر على أرض بلاده أكبر قوة عسكرية فى العالم مدعومة بأكبر وأقوى الأحلاف العسكرية.

فأى مشورة يحتاجها الملا عمر من “المصرى” أو “طاهر” أو غيرهما ؟؟.

أثتاء تواجدنا فى قندهار كنت ألاحظ منبهرا أن آراء الملا عمر السياسية كانت أكثر صوابية ونضجا من آراء بن لادن وباقى العرب الكبار الذين تعودوا على النظرة من فوق لآراء الأفغان، خاصة فى السياسية.

هذا لايمنع أن الملاعمر يطلب المشورة ممن يثق بهم من خارج دائرة الشورى الخاصة به ومن خارج حركة طالبان.

وقد طلبها من بن لادن فى مرة شهيرة ذكرتها فى كتابى (صليب فى سماء قندهار) تحت عنوان ( العرب يقطعون نفط آسيا الوسطى). وكنت حاضرا لتلك الواقعة. وكان ذلك مفهوما من سياق السرد حين قلت أن الجلسة كان بها عدد من الصقور وأن أحدهم ( وقد كان هو “المصرى”) قد بدأ الحديث بتفنيد العرض الباكستانى واصفا وزير داخليتها الذى حمل العرض الأمريكى للإمارة بأنه لص.

وقد كانت كلمة بن لادن التى ختم بها بحث الموضوع تحتوى على النصيحة التى أخذت بها الإمارة.

وبعد ذلك فشلت كافة المفاوضات مع الجانب الأمريكى إلى أن قال المفاوض الأمريكى فى ختام جلسات المفاوضات (يوليو 2001) أن السلاح هو الذى سيحكم فى تلك المسألة.

وأقول هنا أن (الإمارة) فى قندهار لم تأخذ بالمقترح العربى إلا لكونه متماشيا مع وجهات نظرها ولولا ذلك لرفضته على الفور.

فى نفس الجلسة المذكورة بحث موضوع حاجة الإمارة إلى الأموال لبناء أفغانستان، كون رفض العرض النفطى الأمريكى الذى نقلته باكستان سوف يعنى حرمان الإمارة من أهم مصادر التمويل المتاح ( وكان 15 مليون دولار تحصل عليها الإمارة مرة واحدة وإلى الأبد!!!).

وذكرت أن أحد صقور الجلسة ( وكان هو “المصرى”) قال لمندوب الإمارة الذى أرسله الملا عمر: إبنوا بلدكم بعائدات الأفيون. وذلك قياسا على ما تفعله دولا مثل الهند التى تبيع أفيونا بالمليارات لشركات الدواء العالمية. لم تأخذ الإمارة بالإقتراح رغم أن الذى تقدم به هو “المصرى” الذى تقول السيدة ” فارال” بأنه جالس داخل أذن الملا عمر.

مشاور فوق العادة !!

تقول السيدة ” فارال” أن “المصرى” صاحب نفوذ ومشاور لكل من القاعدة وطالبان والحركات الجهادية فى “خراسان الكبرى” . وأظن ذلك فوق طاقة مكتب للأمن القومى مكون من كبار الجنرالات والساسة.

إذا كان الأمر يتعلق بالثقة والمحبة بيننا فذلك صحيح إلى أقصى حد وما سوى ذلك فهو محل نظر.

فمسألة “المشاورات” ليست وظيفة تنظيمية. وإذا حدثت مشاورات او نصائح فإنها تقبل أو ترفض بكل حرية وروح رياضية. فعندما أرى خطأ قد يسبب أضرارا فإننى أذهب مباشرة إلى الطرف المعنى وأتكلم بهدؤ أو بغير هدؤ وقد نصل إلى نتيجة أو لانصل ولكننا لانغادر مواقع الصداقة والمحبة أبدا.

لايعنى ذلك بحال ان وظيفتى كانت هى (مستشار فوق العادة للإرهاب الدولى) كما تحبون أنتم رجال الأمن أن تضخموا وتهولوا. كنا أصدقاء نجلس ونتشاور فى كل شيئ تقريبا حتى الموضوعات الخاصة والعائلية. فجميعنا مجتمع واحد نعيش نفس الظروف الإستثائية من هجرة وأخطار خارجية جاثمة على الحدود مباشرة، وحروب نفسية رهيبة أساءت إلى سمعتنا ونفرت منا حتى أهاليا فى أرض الوطن البعيد.

كل منا كان يطلب المشورة من الآخرين فى موضوعاته الكبيرة والصغيرة العامة والخاصة. وذلك صحيح أيضا بالنسبة لى فكثيرا ما طلبت مشورة إخوانى فى كثير من الأشياء. فقد شاورتهم مثلا فى قبولى عرض العمل مع قناة الجزيرة وأيد ذلك معظمهم وعارضه البعض ، وشاورتهم فى أمر زواجى للمرة الثانية وبعضهم رشح لى الزوجة الأسترالية.

كنا جميعا نفعل نفس الشيئ من طلب المشاورة من الباقين. ولم يكن لدينا منصب المستشار العمومى والمشورة لم تكن حكرا لأحد، ولا إعتبار فيها لأى ولاء تنظيمى فقد كانت علاقاتنا الشخصية أهم وأكبر من أى شيئ آخر. وعدد من أهم اصدقائى وربما أكثرهم تعرفت عليهم قبل أن يلتحقوا بأى تنظيم. بما فى ذلك أسامة بن لادن نفسه، وصديقى ” محمد طاهر” الأوزبكى ومساعده العسكرى الرائع جمعة باى، وأبوحفص المصرى وأبو عبيدة البنشيرى مؤسسا تنظيم القاعدة، والأسد المستقل أبو الحارث الأردنى وغيرهم كثيرين عربا وأفغانا ومن جنسيات متعددة  ممن لم يلتحقوا بأى تنظيم.

يمكن القول أن المشاورة  ثقافة عامة بيننا، كما أنها من الآداب الدينية عندنا كمسلمين.

أما مقترحاتى التى لم تقبل أو أهملت فكثيرة جدا. ومن جهات متعددة سواء من القاعدة أو الإمارة

الإسلامية أو غيرهما من تنظيمات وجماعات كانت موجودة على أرض أفغانستان وقتها. وذلك  طبيعى،

فالمشورة تبقى مشورة وليست توجيها تنظيميا واجب النفاذ.

قد كنت بالنسبة للملا محمد عمر صديقا مبايعا، وناصحا مشفقا، كلما إستطعت وعندما إستدعت الضرورة ذلك. ولم أكن يوما مستشارا نافذ الكلمة. فذلك أمر غير ممكن بحكم ظروف كثيرة، كما أنه دور غير مرغوب فيه من أى أحد.

ـ بقلم : مصطفى حامد ـ

  1. No comments yet.
  1. No trackbacks yet.

Leave a Reply